الفرق بين التدبير الحضوري و التدبير عن بعد.
يتمحور التعليم حول المتعلم نفسه، وهذا يحتم التنويع في مصادر المعرفة وأشكالها، وتوظيف أحدث ما وصلت إليه التكنولوجيا في هذا المجال.
وفي الفترة الأخيرة تغيرت صورة العملية التعليمية تغيرا كبيرا من جميع المناحي؛ حيث اتجه التدريس بصورة كبيرة إلى التعليم الإلكتروني من خلال الإنترنت؛ الأمر الذي أدى إلى استحداث العديد من الطرق من أجل تنظيم العملية التعليمية وتدبيرها؛ سواء من جهة المتعلمين أو من جهة الأساتذة.
ولعل موضوع “التعلم والتعليم عن بعد” هو أفضل ما تم الوصول إليه في هذا المجال؛ حيث تمت الاستفادة من تطور التقنية وتوظيفها في المجال التعليمي،
فغدت فرص التعلم متوفرة للجميع، وفق طرائق وأساليب جديدة تلبي الاحتياجات المتزايدة بخطوات سريعة. وتجدر الإشارة إلى أن نجاح العملية التعليمية قائم على عناصر ثلاثة تشكل المثلث التعليمي وهي: “المعلم، والمتعلم، والمعرفة (المعلومة)” (جان هوساي)،
وهذا يتطلب اختيار الطرائق والاستراتيجيات التدريسية، والوسائل والأدوات المناسبة، إضافة إلى أدوات التقييم، وهذه العناصر الثلاثة توفر مكونين رئيسين من مكونات التعليم عن بعد:
- المحتوى التعليمي (Subject Matter)
- الحوار (Dialogue) بين المعلم والمتعلم الذي يكون عاملا حاسما في تحسين نتائج التعلم من خلال الأنشطة المختلفة ومن خلال عمليات التقييم المستمر
ولتحسين عملية التعليم عن بعد؛ يجب على المتدخلين في علوم التربية بالتنسيق مع التقنيين في استعمال تكنلوجيا الاتصال والمعلومات TICEمن الإجابة على الأسئلة التالية:
- هل يمكن الانتقال للتعليم عن بعد، من دون الأخذ بالحسبان المشكلات الموجودة في بعضالنظم التعليمية، ومن دون خطط متكاملة في هذا المجال؟
- هل يحتاج التعلم والتعليم عن بعد إلى “تكافؤ الفرص” خاصة في ظل العديد من المشكلات فيالبنى التحتية؛ كالكهرباء والإنترنت والأجهزة المتوفرة، فضلا عن المحتوى التعليمي؟
- ما التوجهات التي تشجع على الانتقال نحو التعليم عن بعد بشكل كلي أو جزئي؟
- إلى أي مدى نحن قادرون على بلورة سياسات وتشريعات تجعل من التعليم عن بعد تعليماقانونيا قائما بذاته، له أسسه الشرعية وتقييماته ودرجاته؟
- ما التحديات التي يواجهها التعليم المهني والتقني؟ وهل وضعت الخطط المناسبة في هذا المجال؟
- هل يصلح التعلم والتعليم عن بعد لكل الفئات العمرية من المتعلمين؟
- وهل يراعي أنماطهم وأجناسهم المختلفة؟
- وماذا عن التوجهات والتخصصات التطبيقية والعملية؟
- لأي مدى يستطيع التعليم عن بعد أن يوفر بيئة تعليمية مناسبة للمتعلمين من ذويالاحتياجات الخاصة والصعوبات التعلمية أي يحترم شروط التخطيط الشامل للتعلم؟
- ما هو شكل ومصير التعليم مستقبلا؟
- ما هي أبرز الحلول التي يجب العمل على توفيرها لجعل عملية التعليم عن بعد أكثر كفاءةوجودة، ولضمان وصول التعليم عن بعد لكل متعلم بحاجة إليه؟
1- مفهوم التعليم عن بعد
سبقت الإشارة إلى أن التعليم عن بعد هو عملية نقل المعرفة إلى المتعلم في موقع إقامته أو عمله بدلا من انتقال المتعلم إلى المؤسسة التعليمية،
يرتكز على إيصال المعرفة والمهارات والمواد التعليمية إلى المتعلم عبر وسائط وأساليب تقنية حديثة مختلفة؛ حيث يكون المتعلم بعيدا أو منفصلا عن المعلم أو القائم على العملية التعليمية.
و تستعمل التكنولوجيا لملء الفجوة بين كل من الطرفين كمحاكات الاتصال الذي يحدث بين الطرفين وجها لوجه. ومنه فإن التعليم عن بعد هو تفاعلات تعليمية يكون فيها المعلم والمتعلم منفصلين عن بعضهما زمانيا أو مكانيا أو كلاهما معا.
2- تطور التعليم عن بعد عبر التاريخ
لم يبدأ التعليم عن بعد في العصر الحديث فقط، بل يمتد لأكثر من مئتي عام. وكانت البداية عام 1729 على يد Caleb Philips؛ حيث كان يقدم دروسا أسبوعية عبر صحيفة “بوسطن جازيت” .(Correspondence Class)
وأستخدم جهاز الراديو لهذا الغرض عام 1922؛ حيث بدأت جامعة بنسلفانيا في تقديم المقررات عبر جهاز الراديو، ثم أجهزة التلفزة؛ إذ أطلقت جامعة ستانفورد مبادرة عام 1968 ؛
لتقديم مقررات لطلاب الهندسة عبر قناة Instructional Television Network the Stanford ، وفي عام 1982 دخل الكومبيوتر المجال التعليمي (Computer Assisted Instruction) وفي عام 1992 كان الانتشار الأوسع للتعليم عن بعد مع ظهور شبكة الإنترنت؛ حيث بدأ ظهور أنظمة إدارة التعلم (LMS) عام 1999ک Blackboard, canvas؛ إلا أنها تظل أنظمة مغلقة لا تخدم جميع المتعلمين.
وفي عام 2002 أطلق معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا مبادرة المقررات المفتوحة MIT 2000 ( Open Course Ware) مقرر مجاني يستفيد منه 65 مليون مستفيد من 215 دولة)، ثم أكاديمية خان عام 2008 (71مليون مستخدم)، باختصار بتنا نعيش عصر التعليم المفتوح والمنصات التعليمية.
3-أهمية التعليم عن بعد
يجمع الباحثون والمتخصصون في المجال التربوي على أهمية التعليم عن بعد، حيث يجب أن يكون ملائما لشرائح واسعة من المتعلمين عبر العالم؛ على اختلاف بلدانهم وثقافتهم واهتماماتهم وظروفهم .
ويمكن تعداد أبرز المزايا التي يوفرها التعليم عن بعد في:
- فرص التعلم: إتاحة الفرصة التعليمية لكل المتعلمين أصبحت تحديا كبيرا، في ظل التقدم السريع والانفجار المعرفي والتقني المتلاحق؛
- تعزيز المهارات الحياتية والتركيز على مهارات المستقبل؛
- المرونة: إذ يتيح التعلم وفق الظروف التعليمية الملائمة والمناسبة لحاجات وظروف وأوقاتالمتعلمين وتحقيق استمرارية عملية التعلم؛
- الفاعلية: أظهرت البحوث التي أجريت على هذا النظام بأنه ذو تأثير يوازي أو يفوق نظام التعليم التقليدي؛ خصوصا عند استخدام تقنيات ووسائل التعليم عن بعد بكفاءة ، حيث انعكست هذه الايجابية على المحتوى التعليمي؛
- الابتكار: تقديم المناهج للمتعلمين بطرق مبتكرة وتفاعلية ورقمية؛
- استقلالية المتعلم: من خلال تنظيم موضوعات المنهج وأساليب التقويم حسب قدرات المتعلمين؛
- المقدرة: حيث يتميز هذا النوع من التعليم بأنه لا يكلف موارد مالية كبيرة