طبع مفهوم المركزيـة تـدبير وزارة التربيـة الوطنيـة لمـدة عقود منـذ الاســــــتقلال، وأوصــــــت الإصــــــلاحـات المتكررة للقطاع بضــرورة منح ســلطات أوســع للجهات (الأكاديميات) والأقاليم (المديريات) لتدبير شــؤونها وفق سياسة القرب التي تم تبنيها.وتعني المركزية في مفهومها العام التوحيد وعدم التجزئة، وفي مجال التنظيم الإداري يقصــد بها توحيد مظاهر النشـــاط الإداري في الدولة وتجميعها في يد الســـلطة التنفيذية وفروعها في العاصـــمة والأقاليم بشـــكل يسمح بتوحيد النمط الإداري وتجانسه بالنسبة لكل أقاليم الدولة ولعموم شعبها.
لاتنسى قرائة المقال السابق لأنه مرتبط بموضوع هذه المقالة أنقر هنا للقراءة
تبعا لذلك فإن المركزية الإدارية تقوم على عنصرين أساسيين وهما:
أولا: تركيز الســــلطة الإدارية في يد الإدارة المركزية؛
ونعني بذلك اســــتكثار الحكومة المركزية في العاصــــمة بكل أنواع النشاط الإداري.
ثانيا: خضـــــوع موظفي الحكومة المركزية لنظام الســـــلم الإداري والســـــلطة الرئاســـــية، وذلك بخضـــــوع الموظف الأقل درجة للموظف الأعلى درجة إلى أن يصل ذلك إلى الوزير الذي يخضع له الجميع في وزارته.
ومن عيوب المركزيــة الإداريــة أنهــا تتســــــم بــالبطء والروتين في أداء الخــدمــات وفي تلبيــة احتيــاجــات المواطنين.
وتتخذ المركزية الإدارية في التطبيق العملي إحدى صورتين :
التركيز الإداري ويعني تركيز الســــــلطـة الإداريـة كلهـا في عموميـاتهـا وجزئيـاتهـا- في العـاصـــــــــمـة، بحيـث لا في يكون لممثلي الإدارة المركزية في الأقاليم أية ســـلطة خاصـــة في تصـــريف الأمور مما يقتضـــي الرجوع إلى الوزير كل شئ.
هذه الصــــــــورة من المركزية لم تعد شــــــــائعة بالنظر لتعدد مهام الوزير وصــــــــعوبة قيامه بجميع وظائفه الإدارية، لذلك برز مفهوم عدم التركيز الإداري.
عدم التركيز الإداري: هذا المبدأ يسمح بتخفيف العبء عن الوزير وتحقيق السرعة في الإنجاز بتخويل بعض موظفي الوزارة في الجهـات أو في الأقـاليم تـدبير بعض الوضــــــعيـات دون الرجوع للوزير المختص، ولا يعني ذلك اســـتقلال الموظفين عن الوزير وإنما يخضـــعون بالرغم من ذلك لإشـــرافه ولرؤســـائهم الإداريين وفقا لمبدأ (السلطة الرئاسية )
تبرز صورة عدم التركيز الإداري أساسا في تفويض الاختصاص فما معناه؟ما أنواعه؟ ما شروطه؟ ما هي آثاره؟
أولا: التفويض في الاختصاص
– مفهومه:
يقصـد بهذا التفويض أن يعهد صـاحب الاختصـاص بممارسـة جانب من اختصـاصـه سـواء في مسـألة معينة أو في نوع معين من المسائل إلى فرد آخر أو سلطة أخرى طبقا لما تقتضيه الأوضاع القانونية.
يقوم التفويض بدور لا يســـتهان به في عملية التنظيم الإداري وحســــــن ســــــير المرافق العامة وانتظامها، وذلك بتخويل الرؤساء الإداريين حق توزيع جانب من سلطاتهم على موظفين معينين في حدود القانون.
– شروطه:
لكي يكون التفويض صحيحا من الناحية القانونية، يجب توافر شروط موضوعية وأخرى شكلية:
أ- الشروط الموضوعية:
- وجوب وجود نص قانوني صريح يخول الحق في التفويض.
- صدور قرار يقضي بالتفويض
ب- الشروط الشكلية:
وهي مكملة للشروط الموضوعية للتفويض وتتعلق ب:
- شــــــكـل التفويض، أي الصــــــورة الخـارجيـة التي تحتم القوانين واللوائح أن يفرغ فيهـا قرار التفويض. والتفويض ليسـت له صـيغة معينة ومحددة يجب أن يتقيد بها، وإنما يفترض أن يكون معبرا تعبيرا واضـحا عن إرادة الأصــــــيل. فإذا تطلب النص المجيز للتفويض أن يتم قرار التفويض كتابة أو أن يتم تســــــبيبه أو نشــــــره، فالقاعدة هي احترام إرادة المشرع والعمل بمقتضى النص
- نشر قرار التفويض: وهي عملية مادية ملحقة بالإصدار تقتضي وضع القرار في دائرة التنفيذ، وليكون من يهمهم الأمر على علم به. والمســـلم به أنه إذا نص القانون على طريقة معينة للنشـــر وجب على الإدارة اتباع هذه الطريقة
– أنواعه:
* تفويض السلطة أو الاختصاص وفق ما تنص عليه:
مبادئ دستورية: “للوزير الأول الحق في تفويض بعض سلطه للوزراء.”
– قوانين عادية: التفويض في السلطة
* التفويض في القيام باختصاصات معينة منصوص عليها في الفصل الأول من ظ/ 18أبريل .1971
الظهير الشـــريف 24 غشـــت 1971الخاص بســلطة التعيين بمقتضــى فصــله الأول يســمح للوزير الأول وإلى الوزراء ورؤسـاء الإدارات التفويض في التعيين في المناصـب التابعة لسـلطاتهم بموجب المقتضـيات المعمول بها.
وقـد تم تفويض الاختصـــــــاص في قطـاع التربيـة الوطنيـة من الوزارة إلى الأ ـكـاديميـات في مجـالات عـدة تشمل :
التعويضـــــــــات العائلية – الاقتطاع من الراتب عند التغيب عن العمل لأســـــــــباب غير مشــــــروعة…
– منح رخص المرض قصــــــيرة الأمـد – الرخص الاســـــــــتثنــائيــة ورخص الولادة والحج – تعيين الموظفين الجــدد وخريجي مراكز التكوين.
ثانيا: تفويض التوقيع
مجرد عمـل مـادي يقتصـــــــــر دور المفوض إليـه في التوقيع أو الإمضــــــاء على بعض القرارات الـداخلـة في اختصاص الأصيل ولحسابه وتحت رقابته.
ينظم أحكام تفويض التوقيع أو الإمضاء في التشريع المغربي الظهير الشريف رقم 1.57.068بتاريخ 10 أبريل 1957الذي يقضي بالسماح للوزراء ووكلاء الوزراء (الكتاب العامين) ونوابهم في تفويض الإمضاء.
تم العمل بالتفويض في الإمضــــــــاء بقطاع التربية الوطنية من الوزير إلى الأكاديميات لترســـــيم المتدربين غير أطر هيئـة التـدريس – الترقيــة في الرتبــة – رخص المرض متوســــــطـة وطويلـة الأمـد المســــــتوفيـة للشــــــروط المطلوبة.
آثاره:
يرتبط التفويض بنظريـة الاختصـــــــــاص وهـذا يجعـل التفويض والاختصـــــــــاص كليهمـا نـابعين من طبيعـة قانونية تنظيمية، يترتب عنها أن التفويض يحدث آثارا قانونية تجاه الطرفين المفوض والمفوض إليه
بالنسبة للمفوض ليكون قرار التفويض سليما ومشروعا ينبغي:
- أن يتعلق التفويض بالسلطات والاختصاصات التي يملكها وفي الحدود المسموح بها قانونا.
- ذا حدد النص الذي يجيز التفويض من يفوض إليهم بأسمائهم أو صفاتهم تعين على الأصيل أن يكون قراره بالتفويض لهؤلاء الأشخاص دون غيرهم.
- إذا حدد النص الذي يجيز التفويض ترتيبا معينا للأشــــــخاص الذين يجوز التفويض إليهم، وجب على المفوض احترام هذا الترتيب وإلا اتسم قراره بعدم المشروعية.
- إذا حدد النص الذي يجيز التفويض التزاما على جانب الأصـيل باسـتخدام إمكانية التفويض في حالات معينة، كأن يعلق اسـتخدامه بناء على طلب سـلطة معينة فإنه يتعين على الأصـيل اسـتخدام إمكانية التفويض متى طلبت منه الجهة المعنية ذلك
بالنسبة للمفوض إليه:
يجب احترام التفويض والعمل بمقتضاه.
- إذا حدد قرار التفويض النطاق الزماني أو المكاني لممارســـة الاختصـــاصـــات المفوضـــة إليه أو وضـــع له قيودا أو توجيهات معينة فإنه يجب عليه احترامها وعدم تجاوزها.
- لا يحق له الامتناع عن ممارسـة التفويض صـراحة أو ضـمنا إلا اعتبر مخالفة تأديبية ويجوز مسـاءلته وتوقيع الجزاء عليه.
- يتحمل كافة الآثار المترتبة على قراراته.
وعموما فإن مزايا عدم التركيز الإداري واضحة فهي من خلال أسلوب التفويض:
- تســمح للســلطة المحلية أن تتخذ القرارات المسـتعجلة التي تتطلبها الضـروريات المحلية دون الرجوع إلى السلطة المركزية.
- أن يجعل الممثلين في حالة ممارسـة الاختصـاصـات المحلية خاضـعين للسـلطة الرئاسـية للنظام المركزي، وهذا الخضوع يتجلى في احتفاظ السلطة المركزية بسلطة إصدار التعليمات وحقها في أن تحل محلها.
- إن عدم التركيز الإداري قد يشــكل خطوة في ســبيل اللامركزية الإدارية خصــوصــا وأنه يســمح بتســهيل نقل الســـــلطات إلى الهيئات المحلية، لكن بالرغم من أنهما متقاربان فإن عدم التركيز الإداري يعتبر صـــــورة من صـور المركزية الإدارية، وبالتالي اسـتقلال ممثلي السـلطة المركزية إنما هو اسـتقلال عارض يجوز للوزير بـحبه في أي وقت ويخضع لرقابته الرئاسية