أولا: مدخل لعلم الإحصاء

– تعريف الإحصاء، أهميته ومراحله.

مفهوم علم الإحصاء: يرجع استعمال مصطلح Statistik أول مرة إلى عالم الرياضيات الألماني(G. Achenwall (1717-1772 , فيما عرف استخدامه في فرنسا بحوالي قرن من بعد حيث تم اعتماده رسميا من قبل الأكاديمية الفرنسية سنة 1835.

يقصد بالإحصاء فرع من فروع الرياضيات يشمل مجموع الطرق والإجراءات التي موضوعها جمع البيانات الكمية، ثم تنظيمها وتقديمها وبعد ذلك تحليلها، تفسيرها واستخلاص النتائج من أجل المساعدة في اتخاذ القرارات المناسبة.

يعتبر علم الإحصاء حاليا من العلوم الحديثة الأكثر استخداما وتداخلا مع باقي العلوم الأخرى، حيث نجد تطبيقاته في مختلف المجالات، الاقتصاد، الطخ والصيدلة، الديمغرافيا، التربية، علم الاجتماع، علم النفس…

فإذا كان تاريخ ظهور مفهوم الإحصاء بدأ من حوالي قرنين فإن توظيفه يعود إلى مراحل قديمة من تاريخ البشرية حيث ارتبط بالجانب الخاص بالعد و تجميع المعطيات العددية عن واقع معين (عدد السكان-عدد الجنود-الممتلكات… ) وهذا ما يصطله عليه حاليا بالإحصائيات Les statistiques.

عندما نتكلم عن الإحصاء La statistique. لا نعني بذلك المعطيات الإحصائية les statistiques. وإنما نقصد المنهج العلمي أو الطريقة التي تهتم بجمع وحفظ المعطيات الإحصائية بأسلوب يسهل قراءتها ومن ثم تهيئتها للمساعدة في اتخاذ القرارات أو استخراج المعلومات المرتبطة بالظاهرة محل الدراسة.

ساهم تطور تكنولوجيا المعلوميات، والانفتاح الاقتصادي العالمي في إبراز أهمية وضرورة التعامل مع البيانات بأسلوب يضمن حصرها والتحكم فيها، مماكان له الأثر المباشر على تطور علم الإحصاء كونه العلم الذي يحقق تلك الغاية. وقد كان للإحصاء دور كبير في تطور وتقدم العلوم الاجتماعية والتربوية والنفسية، سواء في مرحلة تجميع المعلومات والبيانات المرتبطة بالظاهرة المدروسة أو لتفسير نتائج الدراسات والأبحاث بعد تحليل البيانات بالطرق الإحصائية المناسبة.

توجد تعاريف كثيرة ومتعددة للإحصاء منها:

بالنسبة ل جورج لوكريس.G. Legris “الإحصاء هو مجموع الطرق التي تهدف إلى الدراسة العلمية لبيانات مرتبطة بميزة ما، من خلال تجميع المعطيات، تكوين جداول وإنشاء تمثيلات مبيانية، … اعتمادا على الملاحظات المسجلة حول ظاهرة ما في مجتمع قابل للعد”.

يعرَّف البعض علم الإحصاء كالعلم الذي يبحث في جمع البيانات، وتنظيمها، وعرضها، وتحليلها، واستقراء النتائج، واتخاذ القرارات بناءً عليها. بينما يصف مروان عبد المجيد هذا العلم “بأنه يوفر جملة من المبادئ والقوانين والطرق العلمية المختلفة لجمع البيانات، وتبويبها، وتلخيصها، وعرضها، وتحليلها، ثم استخلاص الاستنتاجات والتعميمات، والتوصل إلى أحسن القرارات لحل المشاكل المختلفة على أساس من التحليل العلمي للبيانات المتاحة”.

ينقسم علم الإحصاء إلى نوعين رئيسين، ويختلف هذان النوعين عن بعضهما البعض من حيث الأدوات الإحصائية المستخدمة وطبيعة النتائج المتوصل إليها.

الإحصاء الوصفي: يمكن تعريف الإحصاء الوصفي أنه الأداة الإحصائية التي تجعل من الممكن إعطاء معنى أو شرح للمعلومات التي تم جمعها حول ظاهرة ما. إنه يجعل سلسلة من الملاحظات أكثر وضوحا و يسمح بتحديد الخصائص الأساسية المخفية في كتلة من البيانات. لذلك نحصل، من خلال الإحصاء الوصفي، على صورة موجزة ومبسطة للواقع، وملخص إحصائي يميز الأساسيات المرتبطة بالوضعية.

يعتمد الإحصاء الوصفي على استعمال الجداول والتمثيلات المبيانية وتوظيف بعض المعاملات والمقاييس لتمييز ووصف الظاهرة المدروسة.

La statistique descriptive met l’accent sur l’utilisation des représentations graphiques et de certaines mesures caractérisant l’essentiel d’une situation.

الإحصاء الاستدلالي Statistique inférentielle: يهتم هذا النوع من الإحصاء بكيفية الوصول إلى استنتاج أو استنباط مجموعة من الخصائص التي يتسم بها أفراد مجتمع إحصائي معين، انطلاقا من خصائص عينة Echantillon مأخوذة من مجتمع الدراسة.

أي انه يهدف إلى التعميم من العينة إلى المجتمع،ومن هنا تأتي الحاجة للاستعانة بهذا النوع من الإحصاء الذي يقوم على الاستدلال عن هذا المجتمع، حيث يحاول الوصول إلى قيم عددية تدل على صفات المجتمع الكلي، باستخدام البيانات الخاصة بالعينة المسحوبة منه. وارتبط هذا النوع من الإحصاء بنظرية الاحتمالات، و عرفه Sabin Lessard & Monga كما يلي :

“La statistique inductive ou inférence statistique permet les généralisations et les prévisions, d’où son grand intérêt théorique et pratique

ثانيا: أهمية الإحصاء في المجال التربوي:

يعد الإحصاء من العلوم الأساسية التي يستخدمها الباحثون والمتخصصون في المجال التربوي بهدف توفير البيانات ودراستها وتفسير نتائجها بطرق علمية دقيقة. إذ أن فاعلية تدبير البيانات والإحصاءات التربويـة و توافر المعلومات الموثوقة باستمرار في الوقت المناسب تشكل أساسا لا غنى عنه لتزويد الإدارة والمعنيين الرئيسيين بالتطور المستمر عن مدا الانجاز في الآداء وتحقيق الأهداف و التقدم في استخدام الموارد المالية والبشرية المرصودة وكذلك عن مدا تنفيذ الأنشطة المخطط لها أو التي تم إنجازها.

يعد نظام تدبير البيانات الإحصائية المصدر الأهم لبناء نظام مؤشرات تمكن من المتابعة والتقييم الفعالين مما يعطي صورة واضحة عن النجاحات والإخفاقات في خطة تطوير التعليم التي تشمل ظروف النجاح والفشل والدروس المستفادة.

✓ مراحل الدراسة الإحصائية

يبحث علم الإحصاء في أساليب جمع البيانات وتحليلها وتفسيرها من خلال مجموعة الطرق الرياضياتية أو البيانية. وتهدف هذه العملية إلى وصف متغير أو مجموعة من المتغيرات من خلال مجموعة معطيات مرتبطة بعينة الدراسة، وتتطور هذه العملية من خلال الدراسة والتحليل لتتوصل إلى قرارات مناسبة تعمم على المجتمع الذي أخذت منه هذه العينة. ويمكن تلخيص مراحل الدراسة الإحصائية في الخطاطة التالية:

جمع المعطيات :Collecte des données هي مرحلة جمع المعلومات والمعطيات العددية انطلاقا من مشاهدات للواقع أو أبحاث ميدانية أو من مصادر موثوقة؛ كالمصادر الحكومية، أو الهيئات المختصة دولية كانت أو وطنية. ويمكن الحصول على البيانات من خلال أخذ عينة من المشاهدات بدلا من مسح الكل؛

تنظيم البيانات: وهي مرحلة ترتيب وتنظيم المشاهدات ضمن جداول خاصة ُتسم بالجداول الإحصائية، أو يمكن تنظيمها على شكل رسومات بيانية، وذلك بهدف تسهيل عرضها ومعالجتها باعتماد أدوات ووسائل رياضياتية؛

المعالجة الرياضياتية: وهي المرحلة التي يتم من خلالها الوصول إلى نتائج عددية عن طريق معالجة المشاهدات والبيانات، وتتميز هذه النتائج بمؤشرات تدل على مدا تقاربها أو تشتتها أو اختبار علاقات بعضها بالبعض، كمقاييس النزعة المركزية، أو معاملات الارتباط؛

تحليل النتائج: وهي إحدا أهم المراحل التي تمر بها العملية الإحصائية، حيث إنها تعمل على تحويل البيانات الصماء إلى معلومات واضحة، فهذه العملية تتطلب الصدق والدقة، وعدم التحيز، كما يجب أن يكون الباحث على معرفة جيدة واطلاع على موضوع البحث بشكل تام؛

تأويل النتائج: يتم خلالها تفسير و إعطاء دلالات للمعلومات المحصل عليها من أجل فهم أكثر للظاهرة المدروسة أو في اتخاذ بعض القرارات La prise des décisions المتعلقة بها.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version