يعتبر التوثيق و الأرشفة من العمليات التدبيرية المميزة للعمل الاداري والتربوي في مختلف درجات ومستويات الإدارة .و تمثل المؤسسة التعليمية نقطة الارتكاز المحورية لهده العملية في المنظومة التربوية.
وتشكل الوثائق عصب حياة الإدارة وركيزة أساسية لايستقيم بدونها تدبير الشأن العمومي وحسن سير الهيئات والأجهزة المكلفة به.
يمثل تنظيم وحفظ وثائق الإدارة الوطنية ركيزة أساسية في تحديث الإدارة، وضمان حفظ الحقوق، وتعزيز أسس الحوكمة، وتكريس الشفافية والمسؤولية. كما يعتبر ضمان استمرارية المرفق العام، ودعم بناء دولة المؤسسات، بالإضافة إلى كونه آلية أساسية لحفظ الذاكرة الوطنية ودعم البحث العلمي.
التزام المشرع المغربي بتنظيم وحفظ الوثائق:
أدرك المشرع المغربي أهمية تنظيم وحفظ الوثائق، فألزم بمقتضى المادة 5 من القانون رقم 99.69 المتعلق بالأرشيف كل من:
- الإدارات العامة
- الدولة
- المؤسسات والمقاولات العامة
- الجماعات الترابية
- الهيئات الخاصة المكلفة بإدارة مرفق عام
بإعداد وتنفيذ برامج لتدبير أرشيفها العادي والوسيط.
وانطلاقا من هده الأهمية فان الاداريين التربويين ملزمون رة بضرو الالمام بالاطار المفاهيمي والقانوني والمؤسساتي للتوثيق والأرشفة .وما يميز التوثيق والأرشفة أيضا هو أنه يمثل الذاكرة الحية للإدارة التربوية ويمكنان من تتبع ومصاحبة أدائها التدبيري وتقويمه.
أولا الاطار الاصطلاحي و المفاهيمي للتوثيق و الأرشفة
1- الوثيقة والتوثيق :
الوثيقة
يهتم علم التـوثيق بدراسة الوثائـــق التي ينتجــها أو يستلمها الأشخاص بصفتهم الطبيعية أو المعنوية . وتعتبر الوثيقة مادة معرفية تمكن من التعبير عن واقعة معينة أو حدث معين. وتتوقف مصداقيتها على مدى تعبيرها عن الواقع بشكل موضوعي صريح يمكن من اكسابها الموثوقية والدي يسمح باستعمالها واستغلالها بشكل سليم قصد اتخاد القرارات المناسبة.
كلمة وثيقة في اللغة العربية مشتقة من الفعل وثق بمعنى ائتمن ، ووثق الأمر أي أحكمه ، ووثق الرجل أي قال أنه ثقة ، ومن مزيد الفعل للطلب استوثق أي أخد منه الوثيقة ، والوثيق أي المحكم و مؤنثه الوثيقة و هو ما يعتمد به و جمعه وثائق» أ.د. جبريل بن حسن العريش ي و د نبيل بن عبدالرحمن العثم(1433/2012)ـ الأرشفة الالكترونية و ادارة الوثائق في العصر الحديث المبادئ والأسس النظرية والتطبيقات العلمية ـــ مكتبة الملك فهد الوطنية الرياض ص 1
وتستمد الوثيقة قوتها الإثباتية من درجة المصداقية التي تتمتع بها من خلال صحة البيانات التي تتضمنها.«الوثائق الصحيحة تقدم لنا معلومات بالغة الأهمية وتفسر كثيرا من الظواهر والأحداث الغامضة ، لدلك يحرص المؤرخون و الباحثون في مختلف التخصصات على الاعتماد على الحقائق التي ينشدونها » ميلاد ، سلوى علي ،( )2001الوثائق العربية في مصر في العصر العثماني : أهميتها وقواعد تحقيقها، العربية 3000ع. 4ص80و1
والوثيقة «هي كل ما يمكن الاعتماد عليه في الوقوف الى حقيقة معينة ، دون اعتبار للوسيط الحامل لهده الحقائق ، وبدلك يمكن القول بأن كل المصادر المادية من آثار وعمارة ونقوش وأختام وشواهد قبول ومسكوكات وأدوات الاستعمال اليومي وآلات الحرب و اللباس هي أنماط من الوثائق ، وكدلك المصادر الروائية من مخطوطات و كتب وصحف ومواد سمعية وبصرية هي أيضا وثائق» الخولي جمال (يوليو 2001 )«الاتجاهات الحديثة في دراسة الوثائق الادارية : دراسة مقارنة في الأرشيفات النوعية – الاتجاهات الحديثة في الأرشيفات النوعية –الاتجاهات الحديثة في المكتبات والمعلومات» مج. 8ع. 16ص 10و 1
وانطلاقا من الأهمية التي تكتسيها الوثيقة يمكن أن نحدد ثلاث خصائص أساسية مميزة لها :
ويمكن التمييز بين الوثائق الأصلية (المكتوبة) والوثائق المساعدة(التصويرية ، التشكيلية ، السمعية البصرية)الوثائق المكتوبة : هي عبارة عن وثائق مكتوبة بناء على قواعد علمية وتقنيات محددة وضوابط قانونية صارمة وفق مقاربة نسقية وظيفية تراعي التمفصل بين مكونات مترابطة فيما بينها.وتتخذ الوثائق الإدارية المكتوبة أشكالا متعددة : مدكرات، مرسلات، عرض الحال ، تقارير، محاضر ، بيانات. ..
الوثائق التصويرية:هي وثائق مساعدة تساعد على التحقيق والكشف وهي في حاجة الى المصادقة حتى ترقى الى مستوى الوثيقة العلمية والتاريخية.
الوثيقة التشكيلية:وثائق مساعدة كالآثار المعمارية و أو التماثيل أو المسكوكات النقدية..
الوثائق السمعية – البصرية :وثائق مساعدة عبارة عن تسجيلات صوتية أو مرئية أو هما معا معبرة عن أحداث أو وقائع معينة وتمكن دراستها من استجلاء مجموعة من المعطيات من ورائها.
التوثيق
التوثيق عملية ضبط لمجموعة من العمليات التقنية في اطار منظومة قانونية خاضعة لمنهجية علمية ومقاربة نسقية هادفة الى :ــ ارساء الحكامة في انتاج وثائق تتمتع بالمصداقية والوثوقية.- قابلة للاطلاع من طرف ذوي الاختصاص (لجان الافتحاص الداخلي أو الخارجي المفتشيات اللجان الوزارية الاكاديمية الاقليمية(. والتوثيق قد يكون ورقيا أو رقميا أو شفويا وهو قابل للحفظ .
التوثيق هو مجموعة من العمليات والأساليب الفنية التي تهدف إلى توفير أقصى استخدام ممكن للمعلومات المنشورة في المطبوعات العلمية الفنية، سواء كانت قومية أو عالمية.
وتشمل هده العمليات تقويم و جمع ونسخ أو (تصوير) وتحليل وتنظيم وخزن واسترجاع ونشر المعلومات العلمية والفنية وفق احتياجات العلماء والباحثين المختلفة » -محمود عباس حمودة (1998) المدخل الى دراسة الوثائق العربية –دار نهضة الشرق ص. 3
الخصائص الشكلية و الموضوعية للوثيقة:
الخصائص الشكلية :
الصياغة :
- واضحة و غير قابلة للتأويل.
- بعيدة عن المحسنات البديعية .
- عدم الاطناب .
أركان الوثيقة :
- التاريخ
- الرقم الترتيبي .
- المرجع .
- التوقيع مع مراعاة الصفة القانونية للموقع.
الخصائص الموضوعية :
- الصدق في المضمون( التعبير عن أي وضعية بواقعية : الشفافية)
- الانسجام مع المرجعيات المؤطرة
2- الأرشيف و الأرشفة :
2-1. الأرشيف :
يمثل الأرشيف مجموعة من الوثائق المحفوظة بمنهجية علمية مبنية على تقنيات تنظيمية ميسرة للاطلاع و البحث .وتمثل هده الوثائق كل ما أنشأه أو تحصل عليه أثناء ممارسته لنشاطه كل شخص طبيعيا و معنوي وكل مرفق عمومي أو هيئة عامة أو خاصة مهما كان تاريخ هده الوثيقة أو شكلها أو وعائها.
«لفظة أرشيف –Archive بصيغتين فعل و اسم ، فجاء كفعل بمعنى وضع الأوراق والملفات في الأرشيف والفعل الماضي Archived بمعنى أرشف و كلمة الأرشيف مشتقة من الكلمة الاغريقية (اركيون أو ارشيون Archion) والتي تتصل بدائرة من الدوائر.وفي الأصل كانت تطلق على سجلات الحكومة و وثائقها أي الأرشيف العمومي » – سالم عبود الالوسي – محمد محجوب مالك (1979-1399)« الأرشيف تاريخه و أصنافه – ادارته » دار الحرية للطباعة بغداد–الطبعة – 1ص. 5
ويعرف الظهير الشريف رقم: 167.07.1 صادر في 19من ذي القعدة 30(1428نونبر )2007بتنفيذ القانون رقم 69.99 الأرشيف بأنه جميع الوثائق كيفما كان تاريخها و شكلها و حاملها المادي التي يتسلمها شخص طبيعي أو معنوي وكل مصلحة أو هيئة عامة أو خاصة خلال مزاولة نشاطهم.
ويعرف قاموس أكسفورد الأرشيف بأنه المكان الدي تحفظ فيه الوثائق العامة و المستندات التاريخية و تطلق الكلمة نفسها على المواد الوثائقية ، كما تطلق على الهيئة أو الادارة القائمة بعمليات الأرشيف»سالم عبود الالوسي – محمد محجوب مالك (1979-1399) «الأرشيف تاريخه و أصنافه – ادارته –» دار الحرية للطباعة بغداد–الطبعة – 1ص. 6
2-2.الأرشفة
هي عملية حفظ للوثائق و يتم تكوين هده الوثائق و حفظها لأجل الصالح العام رعيا لما تستلزمه الحاجة الى التدبير و اثبات حقوق الأشخاص الطبيعيين أو المعنويين الخاضعين للقانون العام أو الخاص و البحث العلمي و لما تقضيه صيانة التراث الوطني و هناك ثلاثة أنواع من الأرشيفات الارشيفات العامة:
- الأرشيفات العادية.
- الأرشيفات الوسيطة.
- الأرشيفات النهائية
الأرشيفات العادية: أو الأرشيفات الجارية هي مجموعة من الوثائق المستعملة باستمرار من طرف من أنشأها أو تحصل عليها أثناء ممارسته النشاط و يكون حفظها بمقر العمل. ويمكن تحديد العمر الافتراض ي لهده الوثائق في خمس سنوات تقريبا لدلك تحفظ عادة في المكاتب الادارية التابعة للإدارة .
الأرشيفات الوسيطة : هي مجموعة من الوثائق التي لم تعد أرشيفا جاريا واستعمالها يكون عرضيا أو مناسباتي و تحفظ في مكان مخصص لدلك. و يتراوح عمرها الافتراض ي ما بين 5و 15 سنة و تنقل الى مكان مؤقت من أجل فرزها و تصنيفها.
الأرشيفات النهائية: هي التي انتهت فترة حفظها كأرشيف وسيط و التي تسلم الى المؤسسة المعنية بدلك. و يبدأ عمرها الافتراض ي عندما يتوقف العمل بها و يتقرر حفظها بصورة دائمة أو اتلافها بعد انتهاء حاجة الادارة اليها . وتتحول بدلك هده الوثائق الى مادة مهمة للبحث و رهن اشارة العلماء والباحثين .
ويمكن تقسيم أنواع الأرشيف حسب ملكيتها الى قسمين :
الأرشيف العام : يتكون من مختلف الوثائق تمتلكها الجهات الحكومية أو الترابية أو المؤسسات العمومية و شبه العمومية . ولا يمكن التصرف فيها الا وفق إجراءات قانونية صرفة .
الأرشيف الخاص : يتكون من مختلف الوثائق الموجودة في حوزة الأشخاص او المنظمات غير الحكومية. و يمكن لمالكي هذه الوثائق تسليمها الى مؤسسة أرشيف المغرب التي تقدر قيمتها الدائمة التاريخية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية.
تعليق واحد
تنبيه: الاطار القانوني والمؤسساتي للتوثيق والأرشفة | ADellal.com