أولا: التكوين وقيادة التغيير
يتطلب التكوين في مجال مشروع المؤسسة المندمج تمكين المديرين والمديرات من الكفايات اللازمة لحسن تدبير المشروع، وهي كفايات مشتقة من مستلزمات التدبير بالمشاريع، وتوجهات إصلاح نظام التربية والتكوين، ونتائج تحليل حاجات المديرين والمديرات في مجال تدبير مشروع المؤسسة.
وهي وتبعا لذلك تسعى ورشات التكوين إلى إنماء كفاية المدير(ة) في التدبير الفعال لمشروع المؤسسة، كفاية جامعة، جعلناها شاملة للكفايات الفرعية الآتية:
أولا: التمكن من أسس مشروع المؤسسة المندمج ومبادئه
ثانيا: القيادة الفعالة لمشروع المؤسسة
ثالثا: تدبير عمليات تحضير المشروع
رابعا: تدبير عمليات بناء مشروع المؤسسة
خامسا: تدبير إنجاز المشروع
سادسا: تدبير عمليات التتبع والتقويم
تنبني كل كفاية على مجموعة من الأهداف المترابطة في تشكيل الخبرة اللازمة لدعم إنماء الكفاية
المقصودة، وهي أهداف تشمل معارف وقدرات وقيما ومهارات ينبغي تمكين المديرين والمديرات منها لدعم إنماء كفايتهم في مجال تدبير مشروع المؤسسة.
وتعد الأهداف الداخلة في إنماء كل كفاية ذات أهمية كبرى من وجهة نظر المديرين والمديرات وفق نتائج الاستشارة القبلية؛ فقد حصلت الأهداف المعتمدة على معدل يفوق 4 من 5 لدى المديرين والمديرات، ومعدل يفوق 3.6 لدى أطر النيابات، والأكاديمية والتكوين والتفتيش. وقد تمت إضافة بعض الأهداف التي اقترحها المشاركون في الاستشارة، كما تم إدماج بعض الأهداف المتداخلة.
وسنقدم، لاحقا، الأهداف المتفاعلة في إنماء كل كفاية ضمن وحدات التكوين المبوبة حسب الكفايات المطلوب إنماؤها لدى المدير(ة) لدعم تمكنه من تدبير مشروع المؤسسة
ثانيا: المقاربة التشاركية
مشروع المؤسسة المندمج بناء جماعي يساهم فيه كل فاعل حسب موقعه، ويسهر رئيس المؤسسة وطاقمه وفريق المشروع على أن يحس كل العاملين بأنهم أعضاء فاعلون في المشروع.
ويساعد التدبير التشاركي في خلق جو الثقة والتفاعل الإيجابي اللازمين لبلورة المشروع. فما المقصود بالمقاربة التشاركية؟
تخلق المقاربة التشاركية نوعا من العلاقات الخاصة داخل المؤسسة تؤدي بالفرد إلى إنماء قدراته وتفتح شخصيته، إذ يشعر بأن زملاء المهنة ينصتون إليه ويقدرونه.
غير أن هذه العلاقات لا تنمو بكيفية تلقائية، لأن الأفراد لا يميلون بطبعهم إلى قبول الآخر كما هو؛ بل يرونه كما يريدونه أن يكون. لذلك يغيب التفاهم والاتفاق ومن ثم يختفي الحوار الذي هو ضرورة أساسية في المشروع.
لها والمقاربة التشاركية تعتمد على وسائل الحوار والاهتمام المتبادل واحترام رأي الآخر، الشيء الذي يجع تسمح بأجرأة فعالة لمشروع المؤسسة.
فكل فاعل يحاول أن يحاور الآخرين ويهتم برأيهم ويأخذ أعمالهم بعين الاعتبار في التغيير الذي يريد إدخاله في عمله. وتطرح هذه المتطلبات نفسها بحدة أكبر لدى رئيس المؤسسة نظرا لموقعه الخاص.
أساليب تدبيرالموارد البشرية والمقاربة التشاركية
هناك عدة أساليب لتدبير الموارد البشرية، منها:
التدبيرالسلطوي الاستغلالي: يؤكد هذا الأسلوب المستوحى من نظرية “التقسيم العلمي للعمل” لتايلور على التفريق بين المهام، وضرورة إعطاء تعليمات حازمة واضحة وغير قابلة للنقاش. وهو يعتبر المنظمة مجالا قارا تتوزع فيه المهام بشكل دقيق وبدون تداخل فيما بينها: المدرس يدرس، والحارس يحرس، والمنظف ينظف وينتج عن هذا المنظور في التدبير أن مشروع المؤسسة المندمج يكون عبارة عن تراكم من الأنشطة المنعزلة، لا يعلم أصحابها ما يجري في المؤسسة ككل.
ذلك أن التعليمات والمعلومات تأتي كلها من الأعلى، كل عامل يعرف ما عليه أن يقوم به، لكن ليس هناك تقاسم للسلطة أو المبادرة. وهذا الأسلوب هو السائد في تدبير المؤسسات إلى حدود السنوات الأخيرة.
– التدبير السلطوي الأبوي: يعطي هذا الأسلوب الأهمية للعوامل النفسية الاجتماعية. تريد الإدارة أن يشعر العاملون بالراحة ويتمتعون بمعنوية جيدة، يوزع المدير المهام بشكل منعزل كما في النموذج السابق. لكن هذا التوزيع يتم بأسلوب يراعي مشاعر الأشخاص. ويهتم المدير بالنزاعات ويعمل على حلها، كما يهتم بمعاناة العاملين فيهدئ من مفعولها حتى يتم إنجاز العمل في أحسن الظروف.
يكون المدير بمثابة أب للأسرة: يحافظ على معنوية طاقمه ليبقى منسجما، مستعملا في ذلك قدرا من الابتزاز: “أنتم ترون كم أنا مهتم بكم؛ إذن افعلوا هذا من أجلي.”
– التدبير التشاركي الاستشاري: لقد لوحظ أن الاهتمام بالعلاقات الإنسانية وحدها غير كاف لنجاعة العمل، فهناك أشخاص غير راضين عن وضعهم يعطون أكثر من آخرين راضين عنه. ولوحظ أيضا أن إشراك الآخرين في القرار له مفعول إيجابي واضح على دينامية العمل ومردوده.
ويقوم الإعلام والتواصل والتفويض بدور أساس في التدبير التشاركي. وعوض أن يبقى المدير في مكتبه يملي الأوامر ويستقبل الشكاوى، عليه أن يذهب إلى العاملين ليقاسمهم انشغالاته ويستشيرهم ويطلب مساعدتهم في تدبير الأمور.
– التدبير التشاركي الجماعي: إنه التدبير الذي يهمنا في مشروع المؤسسة. فتحديد أهداف العمل لا يكفي؛ بل ينبغي تبني هذه الأهداف من طرف العاملين بالمؤسسة. فانسجام أعمال المشروع يوازيه انسجام الفاعلين المساهمين فيه.
إن الأفراد يعرفون ويحترمون ويختارون ويتحاورون بخصوص العلاقات بين مرمى المشروع تخلي وأهدافه وأعماله، وذلك بشكل يومي. إن التضامن والانسجام ضروريان في عمل المشروع، ويستلزمان ال عن الأساليب السلطوية والعمل بمبدأ التشارك في كافة عمليات التدبير.
وتقتضي المقاربة التشاركية الجماعية احترام القواعد الآتية:
- إعداد القرار من طرف المدعوين لتطبيقه .
- تطبيق القرار الجماعي حتى ولو لم نكن متفقين معه.
- تحديد نظام للتقويم مقبول من طرف الجماعة.
- استغلال كل الطاقات المتواجدة بالمؤسسة.
- إرساء شبكة فعالة للإعلام والتواصل.
- إتاحة التبادل بين الفرق والمجموعات العاملة في المشروع.
- احترام الفرد كيفما كان شأنه من طرف الجماعة .
- تفويض المهام والسلطة
- احترام قواعد المشاركة: الاستشارة، المناقشة، الإعلام والتوضيح قصد الإشراك، إبداء الرأي، إعطاءالاقتراحات والمعلومات الضرورية للقرار
ثالثا: أهمية التواصل ووسائطه في المشروع
1. مفهوم التواصل (الاتصال)
- عملية تبادل المعلومات والأفكار والتوجيهات من شخص لآخر أو من مجموعة لأخرى، وهي عملية تحدث التفاعل بين الأفراد والمجموعات داخل المدرسة وبين المدرسة وشركائها.
- وسيلة لتنسيق الأنشطة التي يقوم بها مختلف مجالس المؤسسة والعاملين بها، لذا يلزم أن يتوفر كل واحد منهم على حد أدنى من الكفايات التواصلية.
- عملية حيوية في الإعلام والتأثير والإقناع والاقتناع واتخاذ القرار الذي يتطلب توافر كافة المعلومات الممكنة عن الاحتمالات المختلفة وآثارها ليكون قرارا رشيدا.
- دعامة لمختلف مراحل وعمليات المشروع، وركيزة لعمليات التدبير من تخطيط وتنظيم وتوجيه وتنسيق ومراقبة وتنشيط وتقويم وتتبع.
2. أهمية التواصل في المشروع
- التفاعل والتعاون بين مختلف مجالس المؤسسة؛
- التفاهم بين كافة المساهمين في المشروع والمعنيين به؛
- التفاعل مع شركاء المدرسة من آباء وأمهات و أولياء التلاميذ، وسلطات، وجماعات محلية، وجمعيات المجتمع المدني، وفاعلين اجتماعيين واقتصاديين ,,
3. وسائط التواصل في المشروع
- مجالس المؤسسة: لها دور هام في التنسيق وإتاحة فرص المشاركة في عملية اتخاذ القرارات التربوية.
- لجان العمل التي يكلفها المدير أو المجالس بعمل معين.
- تقارير المجالس واللجان، ولها دور هام في تبادل المعلومات والقرارات بين المجالس واللجان وإلى شركاءالمدرسة والنيابات والأكاديمية، وهي تتراوح بين المحاضر والتقارير المجملة حسب الغرض.
- الاجتماعات الدورية للمجالس، وهي وسيلة أساسية للإشراف الإداري والتفكير التعاوني البناء وتبادلالأفكار والآراء ووضع الخطط والبرامج والاطلاع على سير عمل المؤسسة والمشروع.
- المقابلات مع الرؤساء والتلاميذ والآباء والأمهات والعاملين، وتتطلب مراعاة شروط المقابلة.
- الإعلانات والمطبوعات والملصقات ومجلة المدرسة ونشرة الاتصال إن وجدتا
- لقاءات بمناسية يوم عيد المدرسة و كذا أيام الأبواب المفتوحة و معارض إنجازات المتعلمين في المشروع.
- الأنشطة الثقافية والفنية والرياضية التي تحتضنها المدرسة لفائدة المتعلمين والشركاء
رابعا: خطوط رئيسية ينبغي اتباعها في إحداث التغيير (مشروع المؤسسة)
- توجد ضرورة لوجود مبرر مقنع لتحقيق التغيير، حيث يعتبر التغيير عملية صعبة ومعقدة، خاصة عندما يتعلق الأمر بثقافة المؤسسة. لذا، ينبغي أن يكون هناك تأكيد على أهداف التغيير وضرورته.
- يُعَدُّ اشراك الموظفين في عملية التغيير خطوة مهمة لتقليل مقاومتهم له، حيث يمكن للمشاركة في تخطيط وتنفيذ التغيير أن تمنحهم الشعور بالتحكم في الوضع وتجعلهم يشعرون بالمسؤولية. لذا، يجب أخذ آرائهم بعين الاعتبار والنظر في تشكيل لجان للتفكير وتقديم فرص للتصويت على القرارات.
- يتطلب كل تغيير وجود شخصية موثوقة تقود عملية التغيير، لذا يجب اختيار قائد يحظى بتقدير المجموعة ليقود العملية.
- ينبغي تشكيل فرق لإدارة مرحلة التحول لتوزيع المهام وتنظيم الجهود بفعالية.
- يتعين توفير التكوين للموظفين على القيم والسلوكيات الجديدة التي تحتاجها العملية التغييرية.
- يمكن أن يكون لتدخل مساعد من خارج المؤسسة تأثير أقوى في بعض الأحيان من التدخلات الداخلية.
- يجب تعزيز رموز التغيير من خلال نشر المعلومات الداخلية واستخدام شعارات معبرة والاحتفال بالأحداث المرتبطة بالتغيير.
- يجب أن يتم التعرف على الأشخاص المساهمين في التغيير وتقدير جهودهم وإعطائهم المجازات المناسبة كشكر وتقدير لمساهماتهم.
خامسا: جودة تدبير اجتماعات تتبع سير الإنجاز
الاجتماعات غير المنظمة مملة، وهذه بعض النصائح لجعل الاجتماعات أكثر جاذبية:
- تنظيم اجتماعات شهرية لتتبع تقدم أعمال إنجاز المشروع، وتوثيق المكتسبات، واستخلاص الدروس، وتخطيط أعمال جديدة وبرمجتها؛
- تسيير الاجتماعات بحزم دون سلطوية مفرطة، والتزام جدول الأعمال للتطرق إلى جميع النقط وفق مدة زمنية محددة لكل نقطة؛
- توزيع دوران الكلمة ليعبر كل فرد عن رأيه بنظام وانتظام؛
- تجنب فتح المجال للأحاديث الثنائية أو في مجموعات فرعية؛
- عدم ترك الثرثارين يستحوذون على النقاش؛
- عند نهاية مناقشة كل نقطة: يتم تحديد الأعمال والأنشطة التي ينبغي القيام بها، وكذا الأشخاص الذين سيقومون بها، وتاريخ الإنجاز أيضا؛
- تجنب الرئيس(ة) الاستحواذ على الاجتماع وفرض آرائه؛
- دعوة الحاضرين إلى التعبير عن آرائهم مع تشجيع الخجولين.
- تجنب أساليب التفريق والمحاباة والسلطة، فالمعارضة ينبغي أن تعبر عن نفسها، وعلى الرئيس(ة) أن ينصت إلى كل ما يقال.
- عند اتخاذ قرار ينبغي توضيح منطقه ومبرراته وتأكيد فوائده وحشد الدعم له؛
- تجنب استعمال أسلوب التصويت في اتخاذ القرار اللهم إلا عند الضرورة القصوى.وينبغي بخصوص إعداد جدول أعمال الاجتماع:
- تجنب الجداول المقتضبة والمبهمة؛
- تحديد موضوع الاجتماع وحدوده؛
- وضع نقط الاجتماع في شكل أهداف؛
- إضافة تدقيق إلى كل نقطة: «”للإعلام»”«للمناقشة» «للقرار»”؛
- التذكير بمبرر أو مبررات إدراج النقطة في الجدول بإيجاز؛- تحديد المدة الزمنية المخصصة لكل نقطة؛
- إبراز نقط خاصة لجلب الاهتمام إليها إن اقتضى الحال؛
- ترتيب نقط جدول الأعمال حسب درجة أهميتها؛
- الخروج بقرارات واضحة والحرص على تطبيقه
التمويل وانفتاح المؤسسة على المحيط السوسيو اقتصادي
بالرجوع إلى حافظة المشاريع الاستراتيجية لتفعيل مقتضيات القانون الإطار ،51.17 نجد مشروع المؤسسة المندمج في صلب كل المشاريع، واعتبر “تعميم العمل بمشروع المؤسسة” كنتيجة أولى للمشروع رقم 10المتعلق ب الارتقاء بالحياة المدرسية،
وكذا تعزيز العمل الميداني، وتدبير القرب، والرفع من نجاعة وفعالية التدخلات المحلية، بهدف جعلها رافعة أساسية لتحسين مؤشرات التمدرس بالمؤسسات التعليمية، وتحسين جودة أدائها، وخلق دينامية فعلية محفزة على التطوير المنتظم لمردوديتها.
ومن بين أبرز أهداف المشروع رقم 16 المتعلق بتطوير الحكامة ومأسسة التعاقد أيضا، تحسين الحكامة المالية وتطوير وتنويع مصادر التمويل، في غضون ثلاث 3سنوات، مع التركيز على:
- تحيين إطار التدبير الميزانياتي والمحاسبي على جميع مستويات المنظومة، من خلال تقوية آليات التخطيط والتحكم في البرمجة المتعددة السنوات وتكريس مقاربة التنفيذ الميزانياتي المبنية على نجاعة الأداء؛
- تحسين وتقوية منظومة المراقبة الداخلية ومهننة مجال الافتحاص؛
- تنويع واستدامة مصادر تمويل المنظومة وترشيد الإنفاق التربوي، بما يواكب متطلبات تطبيق الإصلاح.
ولتعزيز استقلالية المؤسسات التعليمية باعتماد مشروع المؤسسة المندمج كأساس لتنميتها المستمرة وتدبيرها الناجع؛ وجب البحث عن موارد الدعم المادي والمالي لمشروع المؤسسة، ويمكن اعتماد جدول العمليات التالي:
وتشكل جمعية دعم مدرسة النجاح المحدثة بالمذكرة ،2009 73إطارا مؤسساتيا وماليا لدعم العمل بالمشروع، ومدخلا للتدبير الذاتي للمؤسسة، وتحدد المذكرة أهداف الجمعية فيما يأتي:
- الارتقاء بجودة الحياة المدرسية؛
- تحسين جودة التعلمات؛
- تنمية الأنشطة الاجتماعية والثقافية والفنية بالمؤسسة؛
- رفع جودة الحكامة؛ تطوير أداء مجالس المؤسسة؛
- عقد شراكات مع مختلف الفاعلين في الحقل التربوي على المستوى المحلي والجهوي والوطني؛
- المساهمة في توفير الإمكانيات المادية والمالية لدعم مدرسة النجاح.
وتبعا لذلك فإن “جمعية دعم مدرسة النجاح“، تعد مدخلا أساسيا لدعم التدبير الذاتي للمؤسسة التي تتولى تدبير مواردها المالية المشكلة من دعم الوزارة/الأكاديمية، وانخراطات الأعضاء، ومنح القطاعات الداعمة، والهبات والتبرعات، والمساعدات المحصل عليها في إطار اتفاقيات الشراكة، ومداخيل الأنشطة التربوية المدرة للربح طبقا لأهداف الجمعية وفق المذكرة، والنصوص المنظمة للتدبير المادي والمالي للمؤسسات التعليمية